..لقد
استقر الرأي على أن التعليم أو التدريس مهنة. ولا بد أن ذلك قد أتى بعد
فهم كاف لماهية التعليم. فقد ظل الناس دهرا طويلا يعتقدون أن التعليم هو
نقل المعارف من الكبار إلى الصغار، وأن عمل المعلم (ة) الأول يتضمن
بالدرجة الأولى تنظيم المعارف، وإيجاد الظروف المناسبة لنقلها من بين دفات
الكتب إلى عقول المتعلمين..وقد عرف المربون التعليم بأشكال متعددة، إلا
أنه ليس المهم في قضية التعليم( التدريس) أن نضع تعريفا شاملا جامعا
للتعليم. لكن الأهم أن نفهم هذه العملية من الضخامة والاتساع بحيث ينبغي
صرف النظر عن الصياغات والتعريفات إلى المهمات والعمليات التي تحقق بصورة
إجرائية الأهداف التربوية، وتحقق النمو الشامل المتكامل للمتعلم، والنمو
الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع..وأي مهنة لا بد لها من أخلاقيات
تنظم السلوك العام لأعضاء المهنة بعضهم بعضا، ومع غيرهم من العاملين في
مجالات المهن الأخرى وكما أن هناك أخلاقيات لكل مهنة، فهناك أيضا أخلاقيات
خاصة بمهنة التدريس.
1) التعليم رسالة : التعليم أو التدريس مهنة ذات قداسة خاصة توجب على
القائمين بها أداء حق الانتماء إليها إخلاصا في العمل، وصدقا مع النفس
والناس، وعطاء مستمرا لنشر العلم والخير والقضاء على الجهل.
2) المعلم(ة) صاحب رسالة يستشعر عظمتها ، ويؤمن بأهميتها، ولا يضن على
أدائها بغال ولا رخيص ، ويستصغر كل عقبة دون بلوغ غايته من أداء رسالته..
3) اعتزاز المدرس (ة) بمهنته وتصوره المستمر لرسالته، ينأيان به عن مواطن
الشبهات ويدعوانه إلى الحرص على نقاء السيرة وطهارة السريرة حفاظا على شرف
المهنة ودفاعا عنها.
4) المدرس(ة) ومتعلميه: صورة من علاقة الأب بأبنائه، لحمتها الرغبة في
نفعهم، وسداها الشفقة عليهم ، والبر بهم، وهدفها تحقيق خير الدنيا والآخرة
للجيل المأمول للنهضة والتقدم..
5) المدرس (ة) قدوة لمتعلميه خاصة، وللمجتمع عامة. وهو حريص على أن يكون
أثره في الناس حميدا باقيا ، لذلك فهو مستمسك بالقيم الأخلاقية، والمثل
العليا، يدعو إليها ويبثها بين متعلميه، والناس كافة ويعمل على شيوعها
واحترامها ما استطاع.
6) المدرس يسوي بين متعلميه في عطائه ورقابته وتقويمه لأدائهم ويحول بينهم
وبين الوقوع في براثن الرغبات الطائشة، ويشعرهم دائما أن أسهل الطرق وإن
بدا صعبا هو أصحها وأقومها، وأن الغش خيانة وجريمة لا يليقان بطالب العلم
ولا بالمواطن الصالح.
7) المدرس صاحب رأي وموقف من قضايا المجتمع ومشكلاته بأنواعها كافة، ويفرض
ذلك عليه توسيع نطاق ثقافته وتنويع مصادرها. والمتابعة الدائمة للمتغيرات
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ليكون قادرا على تكوين رأي ناضج مبني
على العلم والمعرفة والخبرة الواسعة. يعزز مكانته الاجتماعية و يؤكد دوره
الرائد في المدرسة وخارجها.
المدرس ساع دائما إلى ترسيخ مواطن الاتفاق والتعاون والتكامل بين
متعلميه، تعليما لهم ، وتعويدا على العمل الجماعي ، والجهد المتناسق وهو
ساع دائما إلى إضعاف نقاط الخلاف وتجنب الخوض فيها ، ومحاولة القضاء على
أسبابها دون إثارة نتائجها.
9) إدراك المدرس(ة) أن الرقيب الحقيقي على سلوكه بعد الله سبحانه وتعالى
هو ضمير يقظ ، ونفس لوامة. وأن الرقابة الخارجية مهما تنوعت أساليبها لا
ترقى إلى الرقابة الذاتية.
10) المدرس والبيت : فهو شريك الوالدين في التربية والتنشئة والتقويم
والتعليم. لذلك فهو حريص على توطين أواصر الثقة بين المدرسة والبيت (
الأســــــــــرة).
11) الثقة المتبادلة واحترام الأخوة المهنية هي أساس العلاقة بين المدرس
وزملائه..وبين الإدارة المدرسية، وبين كل مكونات المحيط وبالتالي
المجتمع..فالتفاهم المشترك والعمل الجماعي بتنسيق مع جميع الفعاليات يضمن
الوصول إلى الأهداف المرجـــــــــــــــــــــــــــــــوة.