الدماغ هذا العالم العجيب
الدماغ قارة مجهولة، تضم في طياتها كوكبة من المجالات المعرفية المختلفة التي من خلالها يتم التمايز والتعرف على الأشياء. تحوي هذه القارة مدنا صغيرة تمكنك من الرؤية والإحساس والقراءة والتذكر وترتبط هذه المدن الصغيرة ببعض عن طريق شبكات صغيرة يصعب تخيلها ورؤيتها. تنمو هذه القارة وتكبر مع نمو الإنسان نفسه, وقد تبدأ معهُ طفلا صغيرا, وتكبر مع نمو لإنسان إلى أن يصبح عمره فوق الـ 60 عاماً, وبعد ذلك تبدأ في الانهيار.
تتعرض هذه القارة إلى كوارث مثلها مثل الكوارث الطبيعية التي تصيب كوكبنا. فعلى سبيل المثال: قد يتعرض الدماغ الإنساني لأمراض تصيب بعض أجزائه أو بعض أجزاء الجسم المرتبطة به مثل الغدد الصماء العصبية التي تؤثر في هرمونات الدماغ أو الغدة الدرقية التي تصيب بحالات اكتئاب, وهذا يعتمد على النشاط الكهربائي بين خلايا هذا الدماغ واختلال اتزانه.
تضاهي شبكة كهرباء الدماغ في تخطيطها الشبكات الكهربائية الموجودة على كوكب الأرض. إذ إن هذه القارة الدماغية العجيبة تحتوي على مسارات كهربائية دقيقة جداً تشبه إلى حد كبير الشبكات المختلفة على كوكبنا.
اكتشف علماء الفسيولوجيا العصبية أن بعض خلايا الدماغ لا تستجيب إلا وفق تيار كهربائي محدد وبزاوية محددة ( خلايا الإبصار مثلاً ) . تأثير الأدوية أو العقاقير في الجهاز العصبي خير مثال على ذلك مثل مضادات الاكتئاب ومزيلات القلق, حيث إن هنالك ارتباطا بين الحالات النفسية التي يمر بها الإنسان وعمل الدماغ.
أصبح الربط بين التخصصات المختلفة - مثل علم الأعصاب, وعلم الحياة العصبية, وعلم الفسيولوجيا العصبية, وعلم النفس العصبي - لمعرفة سلوك الدماغ ضرورة حتمية لكي يتيح لنا معرفة كيف نفكر ونمشي ونرى ونتكلم ونحس ونشعر, وكيف يعمل الدماغ كل أفعالنا اليومية من أبسط الأشياء مثل المشي, حتى أعقدها مثل التفكير في خلق الله وحل المسائل الحسابية المعقدة.
بصفتي غير متخصص في هذا المجال, فلن أتطرق إلى جزيئات المخ المختلفة ولكن أستطيع أن أقول إن كل نمط سلوكي نقوم به له مكان محدد في هذه القارة العظيمة ( الدماغ البشري ) . يُعد الدماغ المركز الرئيسي والمتحكم في تصرفاتنا. فعندما نرسم خريطة جغرافية دقيقة, ومفصلة للمخ تظهر فيها المدن المختلفة مثل : مدينة القراءة, ومدينة الذاكرة, ومدينة الرؤية ... إلخ, فإنها تعطينا نظرة شمولية للدماغ تجعلنا نتحكم في جميع تصرفاتنا ومعرفة الخلل الذي يصيبنا أحياناً.
هناك دراسات تثبت بأن شكل الرأس مرتبط بطباع الشخص وشخصيته. وهناك دراسات أخرى حديثة تثبت بأن المخ مركز معالجة لجميع الصور التي تلتقطها العين عبر الأعصاب البصرية إلى المخ الأيمن والأيسر, ومن ثم تصل إلى القشرة المخية الإبصارية الأولية في مؤخرة الدماغ . وهذه الخلايا العصبية تستجيب لصور نوعية مختلفة في نشاطها الكهربائي وفقاً للإثارة الضوئية التي تتعرض لها أعيننا. إذ إن هناك خلايا عصبية لا تستجيب مطلقا لكميات الضوء العالية وأخرى لا تستجيب لموجات ضوئية صغيرة جداً . بل الاختلاف في زاوية سقوط الضوء تعطي معنى آخر أو شكلا أخر. ولمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع يمكن للقارئ زيارة موقعنا لقراءة موضوع بعنوان "عناصر الإدراك الحسي: العين البشرية". قد تساعدنا المعلومات المخزنة في مخنا على فهم الأشياء و حيث إن هناك مدنا كبيرة في الدماغ تعمل على حفظ المعلومات واسترجاعها والمقارنة فيما بينها.
وأخيراً فإننا نتعلم من ذاكرتنا كل يوم مما سبق حفظه. في الواقع, أن الذاكرة, التي تشكل أساس مقدرات تعلمنا هي إحدى أهم وظائف حياتنا, ومن هنا كان من الطبيعي اهتمام العلماء بالعلوم العصبية المختلفة.
منقول،،،،،،،،،،،،،،،،،،،