جديد الطب ...
الدماغ يتصور أحداث المستقبل بآلية استحضار الماضي
تمكن فريق من خبراء العلوم العصبية في جامعة واشنطن بمدينة سان لويس لأول مرة من تحديد مناطق دماغية لها علاقة بالقدرة على التصور الذهني للأحداث المستقبلية.
وقد اكتشف الباحثون انه باستخدام أنظمة تصوير الدماغ، فإن الذهن البشري يستخدم ذات الأجزاء الدماغية أثناء تصور الأحداث المستقبلية أو استذكار الأحداث الماضية. وهذا يعنى أن الدماغ يتوقع سير الأحداث المستقبلية من خلال تصور تفاصيل حدوثها مثلما يستحضر الأحداث الماضية في ذهنه.
طلب الباحثون من 12 امرأة و9 رجال أن يتصوروا شخصا مرموقا وهو يحتفل بعيد ميلاده في قصره، وأن يتصورا بعد ذلك، حفلة عيد ميلادهم المقبل، ويستذكروا الحفلة السابقة، وذلك خلال خضوعهم لتصوير الدماغ بتقنية “الرنين المغناطيسي الوظيفي”، في محاولة لتحديد المناطق الدماغية التي تنشط حصرياً عندما يحاول الإنسان تصور الأحداث المستقبلية.
وقام خبراء العلوم العصبية كارل سبونر وجيسون واتسون، وكاثلين ماكديرموت، بقياس النشاط الدماغي للمشاركين في الدراسة بينما كانوا يمارسون ما طلب منهم.
وحيث إن البشر تحت الاختبار يميلون إلى الأخذ في الاعتبار جوانب مختلفة من حياتهم الشخصية، فقد طلب الباحثون من المشاركين أن يقحموا ذكريات لأحداث ماضية، بيد أن مقارنة التوقعات المستقبلية مع الذكريات قد تؤدي إلى تعطيل بعض المناطق الدماغية المرتبطة بكلتا الحالتين، ولذلك أضاف الخبراء جانباً آخر، حيث طلبوا من المشاركين أن يتصوروا الشخصية المرموقة في نفس الموقف أو مواقف مشابهة. فقد طلب من أحد المشاركين مثلا، أن يتذكر حفلة شواء سابقة، وأن يتخيل واحدة مستقبلية يشارك فيها الشخص المرموق.
ولدى مراقبة الدماغ خلال السيناريوهات الثلاثة، تبين للخبراء أن هناك 8 مناطق دماغية مختلفة فائقة النشاط، أي بمعنى أنها استفادت من ارتفاع مستوى تدفق الدم لدى تصور الأحداث المستقبلية، بما فيها منطقة “برودمان”، والقشرة الجدارية الخلفية الوسطى، والمخيخ الخلفي وغيرها. كما لعبت خمس عشرة منطقة أخرى دورا في تذكر الأحداث الماضية أو تصور الأحداث المستقبلية، بما فيها المناطق التي تلعب دوراً مهما في تذكر الأماكن التي تمت زيارتها سابقا.
ومن جانب آخر قال علماء آخرون إن الوقت الذي قد يتمكن فيه الآخرون من قراءة أفكار غيرهم قد لا يكون بعيداً بسبب التقدم الكبير في تقنيات المسح الدماغي وعلم الأعصاب.
وذكرت صحيفة “شيكاغو تايمز” أن العلماء في جامعة إلينوس بشيكاغو يستعينون حالياً بجهاز يستخدم تقنية الرنين المغناطيسي لمتابعة نشاط الخلايا العصبية في الدماغ، ما قد يساعدهم على قراءة أفكار الآخرين في المستقبل.
وقال العلماء إن قدرة الجهاز على قراءة الأفكار عبر متابعة نشاط الخلايا العصبية في الدماغ، قد تؤدي إلى إنجاز علمي كبير يساعد على تشخيص أمراض مثل الجلطة الدماغية والتوحد والزهايمر وغيرها.
ومن جانبه قال مدير مركز “يو آي سي” لأبحاث الدماغ الدكتور كيث ثولبورن: إن الهدف الرئيسي من الأبحاث التي يجريها الفريق العلمي هو معرفة الطريقة التي يفكر بها الناس.
وأضاف ثولبورن “نريد أن نصل إلى مرحلة نستطيع فيها قراءة أفكار الآخرين”، فيما رأى باحثون أن مثل هذا الانجاز سوف يطرح “مشاكل أخلاقية تتعلق بالحفاظ على الخصوصيات الفردية.
إلى ذلك أعربت مديرة مركز علم الأعصاب في جامعة بنسلفانيا مارثا فرح عن قلقها من احتمال إساءة استخدام الآخرين لمثل هذه التقنية في المستقبل.
وقالت فرح: “قد يزج بالناس في السجون بتهمة التورط بالإرهاب بناء على نتائج المسح الدماغي الذي قد يخضعون له”، مشيرة إلى أن النتائج السلبية قد لا تقتصر فقط على هذا الجانب لأن “بعض الأطفال قد يوضعون في فصول دراسية لا تلائمهم بناء على التخطيط الدماغي الخاطئ لهم”.